للثاني بالباء. وقيل: تعدى بها لتضمين معنى الإحاطة أو الشعور. وفيه تجهيل لهم وتوبيخ. أي لأن قولهم آمَنَّا إن كان إخبارا للخلق فلا دليل على صدقه، وإن كان للحق تعالى فلا معنى له، لأنهم كيف يعلمونه، وهو العالم بكل شيء، كما قال وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ قال ابن جرير: هذا ما تقدم من الله إلى هؤلاء الأعراب بالنهي عن أن يكذبوا ويقولوا غير الذي هم عليه من دينهم. يقول: الله محيط بكل شيء عالم به، فاحذروا أن تقولوا خلاف ما يعلم من ضمائركم، فينالكم عقوبته، فإنه لا يخفى عليه شيء.
ثم أشار إلى نوع آخر من جفائهم، مختوما بتوعدهم، بقوله تعالى:
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا أي انقادوا وكثّروا سواد أتباعك. قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ أي بإسلامكم، إذ لا ثمرة منه إليّ مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ [الإسراء: ١٥] ، بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي في قولكم آمَنَّا لكن علم الله من قلوبكم أنكم كاذبون، لاطلاعه على الغيوب، كما قال:
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قال ابن جرير يقول تعالى ذكره: إن الله أيها الأعراب لا يخفى عليه الصادق منكم من الكاذب، ومن الداخل منكم في ملة الإسلام رغبة فيه، ومن الداخل فيه رهبة من الرسول وجنده، فلا تعلّمونا دينكم وضمائر صدوركم، فإن الله لا يخفى عليه شيء في خبايا السموات والأرض.
[تنبيهات:]
الأول-
روى الحافظ أبو بكر البزار عن ابن عباس قال: جاءت بنو أسد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله! أسلمنا وقاتلتك العرب، ولم نقاتلك. فقال