للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاتهم إلا قليلا. لأنهم لا يخشعون ولا يدرون ما يقولون. بل هم في صلاتهم ساهون لا هون.

وقد روى الإمام مالك «١» عن العلاء بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك صلاة المنافق. تلك صلاة المنافق. تلك صلاة المنافق.

يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا. وكذا رواه مسلم والترمذيّ والنسائيّ

. الثالث- معناه: ولا يذكرون الله بالتهليل والتسبيح إلا ذكرا قليلا في الندرة. على أن الذكر بمعناه المتبادر منه.

وعليه، فمن علامات النفاق استغراق الأوقات بحديث الدنيا، وقلة ذكره تعالى بتحميد أو تهليل أو تسبيح. كما أن من صفات المؤمنين ذكر الله تعالى كثيرا.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٤٣]]

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣)

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ حال من فاعل (يراؤن) أو منصوب على الذم و (ذلك) إشارة إلى الإيمان والكفر. المدلول عليهما بمعونة المقام. أو إلى (المؤمنين والكافرين) ، فيكون ما بعده تفسيرا له. أي: مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان والهوى. وحقيقة المذبذب الذي يذبّ عن كلا الجانبين. أي: يذاد ويدفع، فلا يقرّ في جانب واحد. إلا أن الذبذبة فيها تكرير ليس في الذب. كأنّ المعنى كلما مال إلى جانب ذبّ عنه لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ أي: لا منضمين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين. ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين. وقال مجاهد:

لا إِلى هؤُلاءِ، يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وَلا إِلى هؤُلاءِ، يعني اليهود. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ عن دينه وحجته فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا أي: طريقا إلى الصواب والهدى.

روى الشيخان عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «٢» : مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين: تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة: «العائرة المتحيرة المترددة لا تدري لأي الغنمين تتبع» .


(١)
أخرجه في الموطأ في: القرآن، حديث ٤٦ ونصه: عن العلاء بن عبد الرحمن قال: دخلنا على أنس ابن مالك بعد الظهر. فقام يصلّي العصر. فلما فرغ من صلاته، ذكرنا تعجيل الصلاة، أو ذكرها، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «تلك صلاة المنافقين. تلك صلاة المنافقين. تلك صلاة المنافقين. يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس، وكانت بين قرني الشيطان، أو على قرن الشيطان، قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا»
. (٢) أخرجه مسلم في: صفات المنافقين وأحكامهم، حديث ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>