قال الراغب: وظاهر الآية يقتضي أنه لا فرق بين قليل الشعر وكثيره، بخلاف ما قال أبو حنيفة رحمه الله، حيث لم يلزم إلّا بحلق الثلث. وغيره لم يلزم إلّا بحلق الربع.
[لطيفة:]
أصل النسك العبادة، وسميت ذبيحة الأنعام نسكا لأنها من أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى.
قال أبو البقاء: والنسك- في الأصل- مصدر بمعنى المفعول لأنه من: نسك ينسك، والمراد به هاهنا المنسوك، ويجوز أن يكون اسما لا مصدرا، ويجوز تسكين السين. انتهى.
فَإِذا أَمِنْتُمْ أي: كنتم آمنين من أول الأمر، أو صرتم بعد الإحصار آمنين فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ أي: بإحرامه بها في أشهر الحجّ. ليستفيد الحلّ حين وصوله إلى البيت، ويستمرّ حلالا في سفره ذلك إِلَى الْحَجِّ أي: إلى وقت الإحرام بالحجّ فَمَا أي: فعليه ما اسْتَيْسَرَ أي: تيسّر مِنَ الْهَدْيِ من النعم، يكون هذا الهدي لأجل ما تمتع به بين النسكين من الحلّ.
وفي (النهاية) : صورة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجّ، فإذا أحرم بالعمرة بعد إهلاله شوالا فقد صار متمتعا بالعمرة إلى الحجّ، وسمّي به. لأنه: إذا قدم مكة، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، حلّ من عمرته، وحلق رأسه، وذبح نسكه الواجب عليه لتمتعه، وحلّ له كلّ شيء كان حرم عليه في إحرامه من النساء والطيب، ثمّ ينشئ بعد ذلك إحراما جديدا للحجّ وقت نهوضه إلى منى، أو قبل ذلك، من غير أن يجب عليه الرجوع إلى الميقات الذي أنشأ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة إلى الحجّ، أي انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حلق وطيب وتنظف وقضاء تفث وإلمام بأهله، إن كانت معه.
قال: الإمام ابن القيّم في (زاد المعاد) : وكان من هديه صلّى الله عليه وسلّم ذبح هدي العمرة عند المروة، وهدي القران بمنى. وكذلك كان ابن عمر يفعل، ولم ينحر صلّى الله عليه وسلّم قط إلّا بعد أن حلّ، ولم ينحره قبل يوم النحر ولا أحد من الصحابة، البتة.