بالمبرّات، والإنفاق في سبيل الله، فإن قبض اليد كناية عن الشح والبخل، كما أن بسطها كناية عن الجود، لأن من يعطي يمد يده، بخلاف من يمنع نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ أي أغفلوا ذكره وطاعته، فتركهم من رحمته وفضله.
قال الشهاب: معنى نَسُوا اللَّهَ أنهم لا يذكرونه ولا يطيعونه، لأن الذكر له مستلزم لإطاعته، فجعل النسيان مجازا عن الترك، وهو كناية عن ترك الطاعة، ونسيان الله منع لطفه وفضله عنهم.
قال النحرير: جعل النسيان مجازا لاستحالة حقيقته عليه تعالى، وامتناع المؤاخذة على نسيان البشر.
إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ أي الكاملون في الفسق، الذي هو التمرد في الكفر، والانسلاخ عن كل خير. وكفى المسلم زاجرا أن يلم بما يكسبه هذا الاسم الفاحش الذي وصف الله به المنافقين حين بالغ في ذمهم. وإذا كره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للمسلم أن يقول (كسلت) لأن المنافقين وصفوا بالكسل في قوله: كُسالى
[النساء: ١٤٢] فما ظنك بالفسق؟ أفاده الزمخشري.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٦٨]]
وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٦٨)
وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها، هِيَ حَسْبُهُمْ أي عقابا وجزاء وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ أي لا ينقطع.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٦٩]]
كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٩)
كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أي أنتم مثل الذين أو فعلتم مثلهم، أي ممن أنعم عليهم ثم عذبوا، والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للتشديد كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً في أنفسهم وَأَكْثَرَ أَمْوالًا أي تفيدهم مزيد قوة، ومنافع جمة وَأَوْلاداً أي تفيدهم