مُرِيبٍ أي شاكّ في الحق، أو موقع صاحبه في الريب مع كثرة الدلائل.
وقال القاشانيّ: الخطاب في أَلْقِيا للسائق والشهيد اللّذين يوبقانه ويلقيانه ويهلكانه في أسفل غياهب مهواة الهيولى الجسمانية، وغيابة جب الطبيعة الظلمانية، في نيران الحرمان. أو لمالك. والمراد بتثنية الفاعل تكرار الفعل، كأنما قال: ألق، ألق، لاستيلائه عليهم في الإبعاد والإلقاء إلى الجهة السفلية. ويقوّي الأول:
أنه عدد الرذائل الموبقة، التي أوجبت استحقاقهم لعذاب جهنم، ووقوعهم في نيران الجحيم، وبيّن أنها من باب العلم والعمل. والكفران ومنع الخير، كلاهما من إفراط القوة البهيمية الشهوانية، لانهماكها في لذاتها، واستعمالها نعم الله تعالى في غير مواضعها من المعاصي والاحتجاب عن المنعم بها، ومن حقها أن تذكره، وتبعث على شكره، ومكالبتها عليها، لفرط ولوعها بها، فتمنعها عن مستحقيها. وذكرهما على بناء المبالغة، ليدل على رسوخ الرذيلتين فيه، وغلبتهما عليه، وتعمقه فيهما، الموجب للسقوط عن رتبة الفطرة في قعر بئر الطبيعة. والعنود والاعتداء، كلاهما من إفراط القوة الغضبية، واستيلائها، لفرط الشيطنة، والخروج عن حد العدالة. والأربعة من باب فساد العمل. والريب والشرك. كلاهما من نقصان القوة النطقية، وسقوطها عن الفطرة، بتفريطها في جنب الله، وتصورها عن حد القوة العاقلة. وذلك من باب فساد العلم. انتهى.
الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ أي: عبد معه معبودا آخر من خلقه فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ أي عذاب جهنم.
[لطيفة:]
الموصول إما مبتدأ مضمن معنى الشرط، وخبره فَأَلْقِياهُ أو مفعول لمضمر يفسره فَأَلْقِياهُ أو بدل من (كل كفار) فيكون (فألقياه) تكريرا للتوكيد. قيل على الأخير: إنه مخالف لما ذكره أهل المعاني من أن بين المؤكد والمؤكد شدة اتصال تمنع من العطف. وأجيب: بأنه من باب (وحقك ثم حقك) نزل التغاير بين المؤكد والمؤكد، والمفسّر والمفسّر منزلة التغاير بين الذاتين بوجه خطابي. ولو جعل (العذاب الشديد) نوعا من عذاب جهنم ومن أهواله، على أنه من باب