وفيه رد على من اكتفى بإطعام مسكين يوم واحد، ستين يوما. انتهى.
وقوله تعالى: ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ أي الحكم بالكفارة العظمى المذكورة، تزجرون به.
وقوله تعالى: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أي ذلك البيان أو التعليم للأحكام لتصدّقوا بالله ورسوله في قبول شرائعه، والانتهاء عن قول الزور الجاهلي.
والمراد بقوله تعالى: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ الجاحدون لفرائضه وحدوده التي بيّنها. فالكفر على حقيقته، أو المتعدّون لها، وعنوان (الكفر) تغليظا لزجرهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المجادلة (٥٨) : آية ٥]]
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥)
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي في مخالفة حدوده وفرائضه. وأصله من المحادّة، بمعنى المعاداة. لأن كلّا من المتعاديين في حدّ غير حد الآخر. كُبِتُوا أي أخزوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني كفار الأمم الماضية. وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ قال ابن جرير: أي دلالات مفصّلات، وعلامات محكمات، تدلّ على حقائق حدود الله وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يعني منكري تلك الآيات وجاحديها.
[تنبيه:]
فسّر بعضهم يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بمعنى يضعون أو يختارون حدودا غير حدودهما.
قال محشّيه: ففيه وعيد عظيم للملوك، وأمراء السوء، الذين وضعوا أمورا خلاف ما حدّه الشرع، وسموها قانونا.
وقال: وقد صنّف العارف بالله تعالى الشيخ بهاء الدين، قدّس الله روحه، رسالة في كفر من يقول: يعمل بالقانون والشرع، إذا قابل بينهما، وقد قال الله تعالى:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: ٣] ، وقد وصل الدين إلى مرتبة من الكمال لا تقبل التكميل. وإذا جاء نهر الله، بطل نهر معقل. انتهى كلامه.
ولا يخفى أن إطلاق الكفر لمجرد ذلك من غير تفصيل، فيه نظر، لأنه من تنطع الغالين من الفقهاء الذين زيّف أقوالهم في التكفير كثير من العلماء النحارير، فإن التكفير ليس بالأمر اليسير. والحق في ذلك أن القانون الذي يهدم نصوص الشرع