للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٩٨]]

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (٩٨)

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقوله: وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ حال مفيدة لتشديد التوبيخ. وإظهار الجلالة في موضع الإضمار لتربية المهابة وتهويل الخطب. وصيغة المبالغة في (شهيد) لتأكيد الوعيد، وكل ذلك موجب لعدم الاجتراء على ما يأتونه. ثم عقب تعالى الإنكار عليهم في ضلالهم توبيخهم في إضلالهم فقال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٩٩]]

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن دينه. وكانوا يحتالون لصدهم عن الإسلام مَنْ آمَنَ مفعول (تصدون) قدم عليه الجار والمجرور للاهتمام به تَبْغُونَها على الحذف والإيصال، أي تبغون لها، أي لسبيل الله التي هي أقوم السبل عِوَجاً أي اعوجاجا وزيغا وتحريفا. قال ابن الأنباريّ: البغي يقتصر له على مفعول واحد إذا لم يكن معه اللام، كقولك: بغيت المال والأجر والثواب، وأريد هاهنا: تبغون لها عوجا ثم أسقطت اللام. كما قالوا: وهبتك درهما، أي وهبت لك درهما، ومثله صدتك ظبيا، أي صدت لك ظبيا، وأنشد:

فتولى غلامهم ثم نادى ... أظليما أصيدكم أم حمارا

أراد: أصيد لكم.

قال الرازيّ: وفي الآية وجه آخر، وهو أن يكون (عوجا) في موضع الحال.

والمعنى تبغونها ضالين، وذلك أنهم كانوا يدّعون أنهم على دين الله وسبيله، فقال تعالى: إنكم تبغون سبيل الله ضالين، وعلى هذا القول لا يحتاج إلى الحذف والإيصال.

وذكر ناصر الدين في (الانتصاف) وجها آخر قال: هو أتم معنى، وهو أن تجعل الهاء هي المفعول به، و (عوجا) حال وقع فيها المصدر الذي هو (عوجا) موقع الاسم، وفي هذا الإعراب من المبالغة أنهم يطلبون أن تكون الطريقة المستقيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>