وتسمى سورة (الحواريين) . وهي مدنية. ولا عبرة بقول إنها مكية، لأن آياتها المحرّضة على القتال تردّه، لأنه لم يشرع الجهاد إلا في المدينة. وآيها أربع عشرة آية.
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أي أذعن لله كل خلقه العلوي والسفلي، وانقاد لتسخيره، ودل على ألوهيته وربوبيته. وتقدم بيانه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصف (٦١) : الآيات ٢ الى ٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ قال القاشاني: من لوازم الإيمان الحقيقي الصدق وثبات العزيمة. إذ خلوص الفطرة عن شوائب النشأة يقتضيهما.
وقوله: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ يحتمل الكذب، وخلف الوعد. فمن ادعى الإيمان وجب عليه الاجتناب عنهما بحكم الإيمان، وإلا فلا حقيقة لإيمانه. ولهذا قال:
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ لأن الكذب ينافي المروءة التي هي من مبادئ الإيمان، فضلا عن كماله. إذ الإيمان الأصلي هو الرجوع إلى الفطرة الأولى، والدين القيّم. وهي تستلزم أجناس الفضائل بجميع أنواعها، التي أقل درجاتها العفة المقتضية للمروءة، والكاذب لا مروءة له، فلا إيمان له حقيقة. وإنما قلنا، لا مروءة له، لأن النطق هو الإخبار المفيد للغير معنى، المدلول عليه باللفظ. والإنسان خاصته التي تميزه عن غيره، هي النطق، فإذا لم يطابق الإخبار، لم تحصل فائدة النطق،