أي: فيجمعه ويضم بعضه إلى بعض، حتى يتراكبوا لفرط ازدحامهم، أو يضم إلى الكافر ما أنفقه، ليزيد به عذابه، كمال الكانزين أُولئِكَ إشارة إلى الخبيث، لأنه مقدر بالفريق الخبيث، أو إلى المنفقين هُمُ الْخاسِرُونَ لخسرانهم أنفسهم وأموالهم.
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا يعني أبا سفيان وأصحابه. فالتعريف فيه للعهد أو للجنس، فيدخل هؤلاء دخولا أوليّا إِنْ يَنْتَهُوا أي عن الكفر وقتال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ أي من الكفر والمعاصي وَإِنْ يَعُودُوا إلى قتاله فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ أي الذين تحزبوا على الأنبياء بالتدمير، أو الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر. وقوله فَقَدْ مَضَتْ إلخ دليل الجزاء. والتقدير: انتقمنا منهم فقد مضت إلخ.
[تنبيه:]
استدل بالآية على أن
الإسلام يجبّ ما قبله، كما جاء في الحديث «١»
وأن الكافر إذا أسلم، لا يخاطب بقضاء ما فاته من صلاة أو زكاة أو صوم أو إتلاف مال أو نفس. وأجرى المالكية ذلك كله في المرتد إذا تاب، لعموم الآية، واستدلوا بها على إسقاط ما على الذمي من جزية وجبت عليه قبل إسلامه. أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن مالك: لا يؤاخذ كافر بشيء صنعه في كفره إذا أسلم، ولم يعد طلاقهم شيئا، لأن الله تعالى قال إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ كذا في (الإكليل) .
وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي شرك أو إضلال لغيرهم، وفتن منهم للمؤمنين عن دينهم وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ أي يخلص التوحيد لله، فلا يعبد غيره فَإِنِ انْتَهَوْا أي عن الكفر والمعاصي ظاهرا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ أي ببواطنهم
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ١٩٩، من حديث طويل، عن عمرو بن العاص.