[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزخرف (٤٣) : آية ١٨]]
أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)
أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي تربى في الزينة، يعني البنات وَهُوَ فِي الْخِصامِ أي في المجادلة غَيْرُ مُبِينٍ أي لمن خاصمة ببرهان وحجة، لعجزه وضعفه.
والمعنى: أو من كان كذلك جعلتموه جزءا لله من خلقه، وزعمتم أنه نصيبه منهم؟.
[تنبيه:]
قال الكيا الهرّاسي: في دليل على إباحة الحلي للنساء. وسئل أبو العالية من الذهب للنساء، فلم ير به بأسا، وتلا هذه الآية.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزخرف (٤٣) : آية ١٩]]
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩)
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أي جعلوا ملائكة الله الذين هم عنده، يسبحونه ويقدسونه، إناثا. فقالوا (هم بنات الله) جهلا منهم بحق الله سبحانه، وجراءة منهم على قيل الكذب.
قال القاشاني: لما سمعوا من أسلافهم قول الأوائل من الحكماء في إثبات النفوس الملكية وتأنيثهم إياها، إما باعتبار اللفظ وإما باعتبار تأثرها وانفعالها عن الأرواح المقدسة العقلية، مع وصفهم إياها بالقرب من الحضرة الإلهية- توهموا أنوثتها في الحقيقة، التي هي بإزاء الذكورة في الحيوان مع اختصاصها بالله.
فجعلوها بنات. وقلما يعتقدها العاميّ إلا صورا إنسية لطيفة في غاية الحسن. انتهى.
أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ أي أحضروا خلق الله إياهم فوصفوهم بذلك لعلمهم بهم وبرؤيتهم إياهم؟ وهو تجهيل لهم، وتهكم بهم سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ أي على الملائكة بما هم مبرّءون عنه وَيُسْئَلُونَ أي عنها يوم القيامة، بأن يأتوا ببرهان على حقيقتها، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلا. وفيه من الوعيد ما فيه. لأن كتابتها، والسؤال عنها، يقتضي العقاب والمجازاة عليها، وهو المراد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١)