الشيخين في تخالفهما في التأمير هو أول السورة لا تُقَدِّمُوا ولكن لما اتصل بها قوله لا تَرْفَعُوا تمسك عمر منها بخفض صوته. وجفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم، والذين يختص بهم، وقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ. انتهى.
وتقدم لنا مرارا الجواب عن أمثاله، بأن قولهم: نزلت الآية في كذا، قد يكون المراد به الاستشهاد على أن مثله مما تتناوله الآية، لا أنه سبب لنزولها.
قال الإمام ابن تيمية: قولهم نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارة سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية، وإن لم يكن السبب. كما تقول: عنى بهذه الآية كذا. انتهى.
وبه يجاب عما يرويه كثير من تعدد سبب النزول، فاحفظه، فإنه من المضنون به على غير أهله. ولو وقف عليه ابن عطية لما ضعف رواية البخاريّ، ولما تمحل ابن حجر لتفكيك الآيات بجعل بعضها لسبب. وبعضها لآخر، في قصة واحدة. وبالله التوفيق. وقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أي: فاستظهروا صدقه من كذبه، بطريق آخر كراهة أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ أي قوما براء مما قذفوا به بغية أذيتهم بجهالة لاستحقاقهم إياها، ثم يظهر لكم عدم استحقاقهم فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ أي فتندموا على إصابتكم إياهم بالجناية التي تصيبونهم بها، وحق المؤمن أن يحترز مما يخاف منه الندم في العواقب.
[تنبيهات:]
الأول- قال ابن كثير: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، حين بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صدقات بني المصطلق. وقد روي ذلك من طرق. ومن أحسنها ما