ما قبله، وأن معنى الوعيد في الآية إنما هو للمصرّين عليه الذين لم يقلعوا، لكثرة ما ورد في العفو عن التائبين. وقد نزل من الوعيد الشديد في أول البعثة آيات لا تحصى، وكلها تنعي على من كان مشركا آنئذ، ولم يقل أحد بشمولها لهم بعد إيمانهم، أو أنّ فيها ما يحط من أقدارهم، ويجعلها مغمزا لهم، إلا أن مروان لم يجد لمقاومة ما ألقمه إلا الشغب، وشغل الناس عن باطله بنغمة يطرب لها الجهلة، وقالة يلوكها الرعاع، وهم الذين يهمه أمرهم. ويرحم الله عبد الرحمن! فقد شفى الغلة، وصدع بالحق، في حين أن لا ظهير له ولا نصير- والله أعلم-.
قال ابن قتيبة في (المعارف) : أربعة رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في نسق: أبو قحافة، وابنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنه محمد بن عبد الرحمن.
وقال أيضا: قيل: كان عبد الرحمن من أفضل قريش، ويكنى أبا محمد، وله عقب بالمدينة، وليسوا بالكثير، مات فجأة سنة ثلاث وخمسين بجبل يقرب من مكة، فأدخلته عائشة الحرم ودفنته وأعتقت عنه. انتهى.
وفي دمشق في مقبرة باب الفراديس، المسماة بالدحداح، مزار يقال إنه عبد الرحمن بن أبي بكر، نسب إليه زورا. وما أكثر المزوّرات في المزارات، كما يعلمه من دقّق في الوفيات.
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ أي يقال لهم أذهبتم طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها عطف تفسير لقوله أَذْهَبْتُمْ أي فما بقي لكم من اللذائذ شيء لاستيفائكم إياها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ أي الهوان بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أي بغير ما أباح لكم وأذن وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ أي عن طاعته، فأبعدكم عن كرامته.