وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أي لم يقدر مِنْكُمْ أيها الأحرار، بخلاف العبيد، أن يحصل طَوْلًا أي غنى يمكنه به أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ أي الحرائر المتعففات، بخلاف الزواني إذ لا عبرة بهن الْمُؤْمِناتِ إذ لا عبرة بالكوافر فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أي فله أن ينكح بعض ما يملكه أيمان إخوانكم مِنْ فَتَياتِكُمُ أي إمائكم حال الرق الْمُؤْمِناتِ لا الكتابية. لأنه لا يحتمل مع عار الرق عار الكفر.
وقد استفيد من سياق هذه الآية أن الله تعالى شرط في نكاح الإماء شرائط ثلاثة:
اثنان منها في الناكح والثالث في المنكوحة. أما اللذان في الناكح فأحدهما أن يكون غير واجد لما يتزوج به الحرة المؤمنة من الصداق. وهو معنى قوله وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فعدم استطاعة الطول عبارة عن عدم ما ينكح به الحرة. فإن قيل: الرجل إذا كان يستطيع التزوج بالأمة، يقدر على التزوج بالحرة الفقيرة، فمن أين هذا التفاوت؟ قلنا: كانت العادة في الإماء تخفيف مهورهن ونفقتهن لاشتغالهن بخدمة السادات. وعلى هذا التقدير يظهر التفاوت. وأما الشرط الثاني فهو المذكور في آخر الآية وهو قوله ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ أي الزنى بأن بلغ الشدة في العزوبة. وأما الشرط الثالث المعتبر في المنكوحة، فأن تكون الأمة مؤمنة لا كافرة. فإن الأمة إذا كانت كافرة كانت ناقصة من وجهين: الرق والكفر. ولا شك أن الولد تابع للأم في الحرية والرق. وحينئذ يعلق الولد رقيقا على ملك الكافر.
فيحصل فيه نقصان الرق ونقصان كونه ملكا للكافر. وما ذكرناه هو المطابق لمعنى الآية. ولا يخلو ما عداه عن تكلف لا يساعده نظم الآية.
قال الزمخشري: فإن قلت: لم كان نكاح الأمة منحطا عن نكاح الحرة؟ قلت: