قالوا: ولو صح لم يفعل على عهد الصديق، وهو عهد خلافة النبوة حقّا. والطائفة الثانية رأت صحة حديث سبرة. ولو لم يصح فقد صح حديث عليّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء. فوجب حمل حديث جابر على أن الذي أخبر عنه بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر رضي الله عنه.
فلما وقع فيها ظهر واشتهر. وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها، وبالله التوفيق.
انتهى.
هذا، والذين حملوا الآية على بيان حكم النكاح قالوا: المراد من قوله تعالى وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ إلخ أنه إذا كان المهر مقدرا بمقدار معين فلا حرج في أن تحط عنه شيئا من المهر، أو تبرئه عنه بالكلية، بالتراضي، كما تقدم. وهو كقوله تعالى فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً وقوله إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ.
وقد روى ابن جرير عن حضرميّ أن رجلا كانوا يقرضون المهر. ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة. فقال الله وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إلخ. يعني إن وضعت لك منه شيئا فهو لك سائغ. وأما الذين حملوا الآية على بيان المتعة، قالوا: المراد من نفي الجناح أنه إذا انقضى أجل المتعة لم يبق للرجل على المرأة سبيل البتة. فإن قال لها: زيديني في الأيام وأزيدك في الأجرة- كانت المرأة بالخيار. إن شاءت فعلت وإن شاءت لم تفعل. فهذا هو المراد من قوله: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ. أي من بعد المقدار المذكور أولا من الأجر والأجل. أفاده الرازيّ.
قال السدّيّ: إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى. يعني الأحر الذي أعطاها على تمتعه بها قبل انقضاء الأجل بينهما. فقال: أتمتع منك أيضا بكذا وكذا. فإن شاء زاد قبل أن يستبرئ رحمها يوم تنقضي المدة. وهو قوله تعالى وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ قال السّديّ: إذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل. وهي منه بريئة. وعليها أن تستبرئ ما في رحمها. وليس بينهما ميراث. فلا يرث واحد منهما صاحبه.
قال ابن جرير الطبري: أولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويل الأول. لقيام الحجة بتحريم الله تعالى متعة النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
قال المهايميّ: ثم أشار تعالى إلى نكاح ما يستباح للضرورة كنكاح المتعة.