للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضراعة، وهي شدة الفقر والحاجة إلى الله تعالى. ومنه قوله تعالى: تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً أي: مظهرين الضراعة، وحقيقة الخشوع. انتهى.

الثالث- المراد بالكرب ما يعم ما تقدم، ولا محذور في التعميم بعد التخصيص، لكثرة وروده. أو ما يعتري المرء من العوارض النفسية التي لا تتناهى، كالأمراض والأسقام، وما قيل: إن المراد بالأول كرب مخصوص، أو الأولى نعمة رفع، وهذه نعمة دفع، وأنه من قبيل (متقلدا سيفا ورمحا) - تكلف لا داعي له- كذا في (العناية) - الرابع- وضع (تشركون) ، موضع (لا تشركون) الذي هو مقتضى الظاهر المناسب لقوله: لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ لأن إشراكهم تضمن عدم صحة عبادتهم، وشكرهم لأنه عبادة، بل نفيها لعدم الاعتداد بها معه. إذ التوحيد ملاك الأمر، وأساس العبادة، فوضعه موضعه توبيخا لهم، لعدم الوفاء بالعهد. ولم يذكر متعلقه لتنزيله منزلة اللازم، تنبيها على استبعاد الشرك في نفسه- كذا في (العناية) -.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٥]]

قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥)

قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قال المهايمي: أي: قل للمشركين بعد النجاة الموعود فيها بالشكر: إنما أشركتم لأمنكم من الشدائد، لكن لا وجه للأمان منها، لاستمرار منشأ الخوف، وهو القدرة الإلهية على أنواع الشدائد من الجهات كلها. إذ هو القادر على إرسال عذاب أعظم من تلك الشدة من فوقكم، كإمطار النار أو الحجارة، أو إسقاط السماء.

أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ كالخسف والطوفان، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً أي:

يخلطكم فرقا خلط اضطراب، فيجعلكم متحزبين مختلفين في القتال، بأن يقوّي أعداءكم وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ أي: شدة بَعْضٍ يعني: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والتعذيب.

انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ أي: نحوّلها من نوع إلى آخر. لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ أي: يفهمون ويعتبرون، فيكفوا عن كفرهم وعنادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>