[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٧٥]]
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ أي لآلهتهم جُنْدٌ مُحْضَرُونَ أي معدّون لخدمتهم والذب عنهم. فمن أين لهم أن ينصروهم وهم على تلك الحال من العجز والضعف؟ أي بل الأمر بالعكس. وقيل: المعنى محضرون على أثرهم في النار.
وجعلهم- على هذا- جندا، تهكم واستهزاء. وكذا لام (لهم) الدالة على النفع.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٧٦]]
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦)
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ أي في الله تعالى بالإلحاد والشرك. أو في حقك بالتكذيب والإيذاء إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ أي فنجازيهم عليه. كنى عن مجازاتهم بعلمه تعالى، للزومه له. إذ علم الملك القادر بما جرى من عدوّه الكافر، مقتض لمجازاته وانتقامه. وتقديم السرّ، لبيان إحاطة علمه تعالى بحيث يستوي السر عنده والعلانية. أو للإشارة إلى الاهتمام بإصلاح الباطن، فإنه ملاك الأمر.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٧٧]]
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧)
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ أي جدل بالباطل.
بيّن الجدال، وهذه تسلية ثانية، بتهوين ما يقولونه بالنسبة إلى إنكارهم الحشر.
تأثرت الأولى وهي قوله فَلا يَحْزُنْكَ الآية، عناية بشأنه صلوات الله عليه.
قال الطيبيّ: هذا معطوف على (أولم يروا) قبله. والجامع ابتناء كل منهما على التعكيس. فإنه خلق له ما خلق ليشكر، فكفر وجحد النعم والمنعم. وخلقه من نطفة قذرة ليكون منقادا متذللا، فطغى وتكبر وخاصم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٧٨]]
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)
وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا أي في استبعاد البعث وإنكاره وَنَسِيَ خَلْقَهُ أي خلقنا إياه قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ أي بالية أشد البلى، بعيدة عن الحياة غاية