للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنبيهات:]

الأول- روى الإمام أحمد والشيخان حديث كعب وصاحبيه مبسوطا بما يوضح هذه الآية:

قال الزهريّ: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه- وكان قائد كعب من بنيه، حين عمي- قال: سمعت كعبا يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك. قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزاة غزاها قط، إلا في غزاة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر، ولم يعاتب أحد تخلف عنها، وإنما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد. ولقد شهدت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة العقبة، حين توافقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر. وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة. والله ما جمعت قبلها راحلتين قط، حتى جمعتهما في تلك الغزاة. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قلما يريد غزوة يغزوها، إلا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حرّ شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز، واستقبل عدوّا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم، ليتأهبوا أهبة عدوهم، فأخبرهم وجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم كثير، لا يجمعهم كتاب حافظ- يريد الديوان- قال كعب: فقلّ رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى عليه، ما لم ينزل فيه وحي من الله عزّ وجلّ. وغزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلك الغزاة، حين طابت الثمار والظلال وأنا إليها أصعر- أي أميل- فتجهز إليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا، فأقول لنفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غاديا، والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، وقلت: أتجهز بعد يوم أو يومين، ثم ألحقه، فغدوت بعد لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فألحقهم- وليتني فعلت- ثم لم يقدّر ذلك لي. فكنت إذا خرجت في الناس، بعد خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا ممن عذره الله عز وجل. ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى بلغ تبوك. فقال (وهو جالس في القوم بتبوك) : ما فعل كعب بن مالك؟

فقال رجل من بني سلمة: حبسه يا رسول الله برداه، والنظر في عطفيه! فقال معاذ بن جبل: بئسما قلت. والله! يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا! فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>