وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً أي حكمة. وهو ما يجب فعله وَعِلْماً أي بما ينبغي علمه للأنبياء. وقد بعثه الله تعالى إلى سدوم فكذبه أهلها وخالفوه فأهلكهم الله ودمر عليهم ما قص خبرهم في غير ما موضع في كتابه العزيز، وقد أشار إلى ذلك في ضمن بيان عنايته به وكرامته له بقوله: وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ أي من عذابها الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ يعني اللواطة، وكانت أشنع أفعالهم. وبها استحقوا الإهلاك.
ولذا ذهب بعض الفقهاء إلى رمي اللوطي منكسا من مكان عال، وطرح الحجارة عليه، كما فعل بهم إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا أي في أهلها إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ أي العاملين بالعلم، الثابتين على الاستقامة.
وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ أي دعا ربه في إهلاك قومه لما كذبوه بقوله: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر: ١٠] ، رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً [نوح: ٢٦] ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وهو الطوفان، أو من الشدة والتكذيب والأذى. فإنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ فلم يؤمن به إلا القليل.
وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ أي نصرناه نصرا مستتبعا للانتصار والانتقام من قومه الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ أي فلم يبق منهم أحد كما دعا نبيّهم.