وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أي المصدقة له إِلى فِرْعَوْنَ لينهاه عن الاستعباد وَمَلَائِهِ أي لينهاهم عن التعبّد له فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ أي فأبان أنه لا يستحق العبادة غيره تعالى، وأن ليس لأحد سواه استعباد، لأنها حق الربوبية المطلقة.
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ فلما أتاهم بالحجج على التوحيد والبراءة من الشرك، إذا فرعون وقومه يضحكون. أي كما أن قومك، مما جئتهم به من الآيات والعبر، يسخرون. وهذا تسلية من الله عز وجل لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم، عما كان يلقى من مشركي قومه. وإعلام منه له أن قومه من أهل الشرك، لن يعدوا أن يكونوا كسائر.
الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله. وندب منه نبيّه صلّى الله عليه وسلّم إلى الاستنان بهم، بالصبر عليهم، بسنن أولي العزم من الرسل. وإخبار منه له أن عقبى مردتهم إلى البوار والهلاك. كسنته في المتمردين عليهم قبله، وإظفاره بهم، وإعلائه أمره. كالذي فعل بموسى عليه السلام وقومه الذين آمنوا به. من إظهار هم على فرعون وملئه. أفاده ابن جرير. ثم أشار إلى أن موجب الهزء لم يكن إلا لعناد، لا لقصورها، بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]
وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها أي السابقة عليها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ أي الدنيوي كالسنين، مما يلجئ إلى الرجوع، ولا أقل من رجائه لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ أي من أنه لا يعذّب من آمن