للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسلميّ كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه. فتنافر إليه ناس من المسلمين.

فأنزل الله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا. إلى قوله- إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً.

أقول: ثم أسلم أبو برزة وصحب النبيّ صلى الله عليه وسلم. واسمه نضلة بن عبيد.

قال الحافظ ابن حجر في (التقريب) : صحابيّ مشهور بكنيته. أسلم قبل الفتح. وغزا سبع غزوات. ثم نزل البصرة. وغزا خراسان ومات بها سنة خمس وستين على الصحيح. انتهى.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة، أو سعيد، عن ابن عباس قال: كان الجلاس بن الصامت ومعتب بن قشير، ورافع بن زيد، وبشر يدّعون الإسلام. فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين، في خصومة كانت بينهم، إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. فدعوهم إلى الكهان، حكام الجاهلية. فأنزل الله فيهم أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ... الآية.

وأخرج ابن جرير عن الشعبيّ قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة. فقال اليهوديّ: أحاكمك إلى أهل دينك، أو قال: إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.

لأنه قد علم أن لا يأخذ الرشوة في الحكم. فاختلفا. واتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة. فنزلت. ولا تعارض. لما أسلفناه في المقدمة في بحث سبب النزول. فتذكر.

قال أبو مسلم الأصفهاني: ظاهر الآية يدل على أنه كان منافقا من أهل الكتاب. مثل: إنه كان يهوديّا فأظهر الإسلام على سبيل النفاق. لأن قوله تعالى يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ إنما يليق بمثل هذا المنافق. انتهى.

أقول: ما استظهره مناف لما أسلفناه مما روي في نزولها. على أن توصيفهم بالإيمان ب (ما أنزل من قبل) لا يؤيد ما ذكره. لأن هذا كثيرا ما يذكر تنويها به وتثبيتا لركنيته في الإيمان. وتذكيرا له. كما لا يخفى على من سبر قاعدة التنزيل في أمثاله. فاعرفه.

[مباحث]

الأول- قال الحافظ ابن كثير: هذه الآية إنكار من الله عز وجل على من يدّعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين. وهو مع ذلك، يريد أن يتحاكم، في فصل الخصومات، إلى غير كتاب الله وسنة رسوله. كما ذكر في سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>