في ذلك يحيون أهل الجنة بالسلام لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ الضميران في الجملتين لأصحاب الأعراف، والأولى حال من الواو، والثانية حال من فاعل يَدْخُلُوها، أي نادوهم وهم لم يدخلوا الجنة بعد، حال كونهم طامعين في دخولها، مترقبين.
قال الجشمي رحمه الله: قيل: إذا كان أصحاب الأعراف أفاضل المؤمنين، فلم تأخر دخولهم؟ قلنا: هم تعجلوا اللذة بالشماتة من الأعداء، وإن تأخر دخولهم، لظهور فضلهم، وجلالة طريقهم إلى منازلهم.
ولا يبعد عندي أن يكون جملة لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ حالا من أَصْحابَ الْجَنَّةِ أي نادوهم بالسلام وهم في الموقف على طمع دخول الجنة يبشرونهم بالأمان والفوز من العذاب، إشارة إلى سبق أهل الأعراف على غيرهم في دخول الجنة، وعلوّ منازلهم على سواهم- والله أعلم-.
وذهب أبو مجلز إلى أن الضميرين لأصحاب الجنة، أي: نادى أهل الأعراف أصحاب الجنة بالسلام، حال كون أصحاب الجنة لم يدخلوها وهم يطمعون في دخولها. وهو وجه جيّد. فالجملة الأولى حال من المفعول وهو (أصحاب الجنة) والثانية حال من فاعل (يدخلوها) .
وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ أي: أبصار أهل الأعراف أو أهل الجنة.
قال الجشمي: وإنما قال صُرِفَتْ لأن نظرهم إلى أهل النار نظر عداوة. فلا ينظرون إلا أن تصرف وجوههم إليهم. فأما أهل الجنة فوجوههم إليهم سرورا بهم، فلا يحتاج إلى تكلف. وقيل: لأنهم مع أهل الجنة بعداء من أهل النار، فيحتاجون إلى صرف أبصارهم تلقاء أصحاب النار. ثم قال الجشمي: تدل الآية على وجوب الاجتناب من الظلمة في الدنيا، كيلا يكون معهم في الآخرة- انتهى-.
تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ أي: إلى جهتهم قالُوا من شدة خوفهم تعوّذا بالله رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: في النار. وقال أبو السعود: في وصفهم بالظلم- دون ما هم عليه حينئذ من العذاب وسوء الحال الذي هو الموجب للدعاء- إشعار بأن المحذور عندهم ليس نفس العذاب فقط، بل ما يوجبه ويؤدي إليه من الظلم.