يدل على أمرين: الجنسية والعدد المخصوص. فلما أريد الثاني صرّح به للدلالة على أنه المقصود الذي سيق الكلام وتوجه له النهي دون غيره. فإنه قد يراد بالمفرد الجنس نحو: نعم الرجل زيد. وكذا المثنى كقوله:
فإنّ النار بالعودين تذكى ... وإنّ الحرب أوّلها الكلام
وقيل: ذكر العدد للإيماء بأن الاثنينيّة تنافي الألوهية. فهو في معنى قوله:
لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢٢] ، فلذا صرح بها، وعقبت بذكر الوحدة التي هي من لوازم الألوهية.
قال الشهاب: ولا حاجة إلى جعل الضمير للمعبود بحق المراد من الجلالة على طريق الاستخدام.
وقوله تعالى: وَقالَ اللَّهُ معطوف على قوله وَلِلَّهِ يَسْجُدُ أو على قوله وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ وقيل: إنه معطوف على ما خَلَقَ اللَّهُ على أسلوب:
علفتها تبنا وماء باردا
أي: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ ولم يسمعوا ما قال الله؟. ولا يخفى تكلفه. وفي قوله فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ التفات عن الغيبة، مبالغة في الترهيب. فإن تخويف الحاضر مواجهة، أبلغ من ترهيب الغائب، لا سيما بعد وصفه بالوحدة والألوهية المقتضية للعظمة والقدرة التامة على الانتقام. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٥٢ الى ٥٥]
وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥)
وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ معطوف على قوله إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ أو على الخبر، أو مستأنف. وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أي العبادة لازمة له وحده. ولزومها له ينافي خوف الغير، إذ يقتضي تخصيصه تعالى بالرهبة والخشية، وهذا كقوله:
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران: ٨٣] .
أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ أي وهو مالك النفع والضر. وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ