ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا أي يتبيّن به بطلان الشرك مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي منتزعا من أحوالها. وهي أقرب الأمور إليكم وأظهر كشفا هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أي من العبيد والإماء مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ أي من الأموال وغيرها فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ أي متساوون في التصرف فيما ذكر من غير مزية تَخافُونَهُمْ أي تهابون أن تستبدوا بالتصرف فيه بدون رأيهم. وهو خبر آخر ل (أنتم) كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي كما يخاف بعضكم بعضا من الأحرار المساهمين لكم فيما ذكر. والمعنى نفي مضمون ما فصّل من الجملة الاستفهامية. أي: لا ترضون بأن يشارككم فيما هو معار لكم مماليككم، وهم أمثالكم في البشرية، غير مخلوقين لكم، بل لله تعالى.
فكيف تشركون به سبحانه في المعبودية، التي هي من خصائصه الذاتية، مخلوقه بل مصنوع مخلوقه، حيث تصنعونه بأيديكم ثم تعبدونه؟ أفاده أبو السعود كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ أي مثل ذلك التفصيل الواضح، توضح الآيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي يقين وبرهان فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ أي سبب صرف اختياره إلى كسبه. أي: لا يقدر على هدايته أحد وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ أي ينصرونهم من الله، إذا أراد بهم عذابا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الروم (٣٠) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ أي فقوّمه له، واجعله مستقيما متوجها له. وفي النظم الكريم استعارة تمثيلية، بتشبيه المأمور بالتمسك بالدين ورعاية حقوقه وعدم مجاوزة حدوده والاهتمام بأموره، بمن أمر بالنظر إلى أمر، وعقد طرفه به، وتسديد