أحيوا. وقال وهب بن منبه: لم تكن تلك الرجفة موتا، ولكن القوم لما رأوا تلك الهيئة، أخذتهم الرعدة وقلقوا ورجفوا، حتى كادت أن تبين مفاصلهم فلما رأى موسى ذلك، راحمهم وخاف عليهم الموت، واشتد عليه فقدهم، وكانوا له وزراء على الخير، سامعين له مطيعين، فعند ذلك دعا موسى وبكى وناشد ربه، فكشف الله عنهم تلك الرجفة، فاطمأنوا وسمعوا كلام الله. والله أعلم.
إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أي ما الفتنة التي وقع فيها السفهاء إلا اختبارك وابتلاؤك وامتحانك لعبادك فأنت ابتليتهم وامتحنتهم، فالأمر كله لك وبيدك. لا يكشفه إلا أنت. كما لم يمتحن به ويختبر إلا أنت. فنحن عائدون بك منك، ولاجئون منك إليك. يعني إن الأمر إلّا أمرك، والحكم إلا لك، فما شئت كان، تضل من تشاء، وتهدي من تشاء.
قال الواحدي: هذه الآية من الحجج الظاهرة على القدرية، التي لا يبقى لهم معها عذر. أَنْتَ وَلِيُّنا أي متولي أمورنا القائم بها فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ.
وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً أي أثبت لنا فيها خصلة حسنة، كالعافية والحياة الطيبة، والتوفيق للطاعة وَفِي الْآخِرَةِ أي حسنة أيضا، وهي المثوبة الحسنى والجنة. إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ أي تبنا إليك. يقال: هاد إليه يهود، إذا رجع وتاب، فهو هائد. ولبعضهم:
يا راكب الذنب هد، هد ... واسجد كأنك هدهد
وقال آخر:
إني امرؤ مما جنيت هائد
قال أبو البقاء: المشهور ضم الهاء، وهو من (هاد يهود) إذا تاب. وقرئ بكسرها، من (هاد يهيد) إذا تحرك أو حرك، أي حركنا إليك نفوسنا، وعلى القراءتين، يحتمل الوجهين، البناء للفاعل وللمفعول، بمعنى ملنا أو أمالنا غيرنا، أو حركنا