للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال، فلذلك كان عمر إذا أراد أن يصلي على أحد استتبع حذيفة، فإن مشى معه، وإلا لم يصلّ عليه.

ومن طريق أخرى، عن جبير بن مطعم أنهم اثنا عشر رجلا. وقال حذيفة مرة:

إنه لم يبق منهم غير رجل واحد. ولعل الحكمة في اختصاص المذكورين بذلك، أن الله علم أنهم يموتون على الكفر، بخلاف من سواهم، فإنهم تابوا. انتهى.

ثم بين تعالى أن دوام غضبه عليهم لا ينافي إعطاءهم الأموال والأولاد، بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٨٥]]

وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥)

وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ أي لأنه لم يرد الله الإنعام عليهم بها، ليدل على رضاه عنهم، بل الانتقام منهم، قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا أي بالمشقة في تحصيلها وحفظها والحزن عليها وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ أي فيموتون كافرين غافلين عن التدبر في العواقب. وقد تقدمت الآية في هذه السورة مع تغاير في ألفاظها.

قال الزمخشري: أعيد قوله وَلا تُعْجِبْكَ، لأن تجدد النزول له شأن في تقرير ما نزل له وتأكيده، وإرادة أن يكون على بال من المخاطب لا ينساه، ولا يسهو عنه، وأن يعتقد أن العمل به مهم، يفتقر إلى فضل عناية به، لا سيما إذا تراخى ما بين النزولين، فأشبه الشيء الذي أهم صاحبه، فهو يرجع إليه في أثناء حديثه، ويتخلص إليه. وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يحب أن يحذر منه. انتهى.

وقال الفارسي: ليست للتأكيد، لأن تيك في قوم، وهذه في آخرين. وقد تغاير نطقها، فهنا: وَلا، بالواو لمناسبة عطف نهي على نهي قبله في قوله: وَلا تُصَلِّ.. إلخ فناسب الواو. وهناك بالفاء لمناسبة التعقيب لقوله قبله: وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ أي للإنفاق. فهم معجبون بكثرة الأموال والأولاد، فنهى عن الإعجاب المتعقب له. وهنا: وأولادهم. دون (لا) ، لأنه نهي عن الإعجاب بهما مجتمعين، وهناك بزيادة (لا) ، لأنه نهي كل واحد واحد، فدل مجموع الآيتين على النهي عن الإعجاب بهما مجتمعين ومنفردين. وهنا أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وهناك

<<  <  ج: ص:  >  >>