للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصير الموحد المتبع للرسول على ما ينقمه عليه أهل الشرك والبدعة، خير له وأنفع، وأسهل عليه من صبره على ما ينقمه الله ورسوله من موافقة أهل الشرك والبدعة:

إذا لم يكن بدّ من الصبر فاصطبر ... على الحق ذاك الصبر تحمد عقباه

- انتهى-.

ولما همّ قوم لوط بإخراجه ونفيه ومن معه من بين أظهرهم، أخرجه الله تعالى سالما، وأهلكهم في أرضهم صاغرين مهانين، كما أشار لذلك بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٨٣]]

فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣)

فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ أي ومن يختص به من ذويه، أو من المؤمنين لطيبهم. قال ابن كثير: ولم يؤمن به أحد منهم سوى أهل بيته فقط، كما قال تعالى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [الذاريات:

٣٥- ٣٦] ، إِلَّا امْرَأَتَهُ أي فإنا لم ننجها لخبثها. قال ابن كثير: إنها لم تؤمن به، بل كانت على دين قومها، تمالئهم عليه، وتعلمهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم. ولهذا، لما أمر لوط عليه السلام ليسري بأهله، أمر أن لا يعلمها ولا يخرجها من البلد. ومنهم من يقول بل اتبعتهم، فلما جاء العذاب التفتت هي فأصابها ما أصابهم. والأظهر أنها لم تخرج من البلد، ولا أعلمها لوط، بل بقيت معهم. ولهذا قال هاهنا إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي من الذين غبروا في ديارهم، أي بقوا فهلكوا. وقيل: من الهالكين. وهو تفسير باللازم، والتذكير للتغليب، ولبيان استحقاقها لما يستحقه المباشرون للفاحشة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٨٤]]

وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)

وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً أي وأرسلنا عليهم نوعا من المطر عجيبا غير متعارف، وهو مبين بقوله تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ [الحجر: ٧٤] ، أي طين متحجر.

قال المهايمي: ولكفرهم بمطر الشرائع المحيي بإبقاء النسل وغيره، انقلب عليهم في صورة العقاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>