تفحصها. كأنهم لما أحالوا تعيينها على الله تعالى بقوله: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ قالوا هذه الإحالة لا تمنع من طلب العلم بالمدة. ولو في ضمن أمر آخر، فاطلبوه في ضمن حاجة لنا. وهي أن تبعثوا أحدكم. بورقكم هذه لئلا نحوج إلى السؤال عن المدة. لا سيما في مكان يمنع من الإجابة إلى المسؤول به، فيفضي إلى الهلاك.
الثانية- قال في (الإكليل) : قوله تعالى فَابْعَثُوا الآية، أصل في الوكالة والنيابة. قال ابن العربي: وهي أقوى آية في ذلك.
قال الكيا: وفيها دليل على جواز خلط دراهم الجماعة والشراء بها والأكل من الطعام بينهم بالشركة، وإن تفاوتوا في الأكل.
الثالثة- دلّ قوله تعالى عنهم فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً على مشروعية استجادة الطعام واستطابته بأقصى ما يمكن، لصيغة التفضيل. فإن الغذاء الأزكى المتوفر فيه الشروط الصحية يفيد الجسم ولا يتعبه ولا يكدره. ولذلك يجب طبّا الاعتناء بجودته وتزكيته، كما فصّل في قوانين الصحة.
الرابعة- قال الرازي:(الرجم) بمعنى القتل، كثير في التنزيل كقوله وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ [هود: ٩١] ، وقوله: أَنْ تَرْجُمُونِ [الدخان: ٢٠] ، وأصله الرمي، أي بالرجام وهي الحجارة. ولا يبعد إرادة الحقيقة في موارده كلها، زيادة في التهويل. فإن الرجم أخبث أنواع القتل. وقوله تعالى:
وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ أي كما أنمناهم وبعثناهم لما في ذلك من الحكمة، أطلعنا عليهم أهل المدينة حتى دخلها من بعثوه للطعام، وأخرج ورقهم المتقادمة العهد لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أي ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم، أن وعد الله بالبعث حق. لأن حالهم في نومتهم وانتباهتهم بعدها كحال من يموت ثم يبعث وَأَنَّ السَّاعَةَ أي الموعود فيها بالبعث لا رَيْبَ فِيها إذ لا بد من الجزاء بمقتضى الحكمة. ثم أشار تعالى إلى ما كان من أمرهم بعد وفاتهم، وعناية قومهم بحفظ أجداثهم، بقوله سبحانه إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً أي على