وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ أي فلم يرجحوا الخلق عليه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بالبعث والجزاء فلم يرجحوا تعظيمهم وحطامهم على ثوابه وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ أعطاهم الله من المال، أي طلبا لرضاه وأجر آخرته.
قال العلامة أبو السعود: وإنما لم يصرح به تعويلا على التفصيل السابق، واكتفاء بذكر الإيمان بالله واليوم الآخر. فإنه يقتضي أن يكون الإنفاق لابتغاء وجهه تعالى وطلب ثوابه البتة. أي: وما الذي عليهم. أو: وأيّ تبعة ووبال عليهم في الإيمان بالله والإنفاق في سبيله؟ وهو توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة، والاعتقاد في الشيء بخلاف ما هو عليه، وتحريض على التفكر لطلب الجواب. لعله يؤدي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة والعوائد الجميلة. وتنبيه على أن المدعوّ إلى أمر لا ضرر فيه يجيب إليه احتياطا. فكيف إذا كان فيه منافع لا تحصى.
وتقديم الإيمان بهما، لأهمّيّته في نفسه، ولعدم الاعتداد بالإنفاق بدونه. وأما تقديم (إنفاقهم رئاء الناس) على عدم إيمانهم بهما، مع كون المؤخر أقبح من المقدم، فلرعاية المناسبة بين إنفاقهم ذلك وبين ما قبله من بخلهم وأمرهم للناس به. انتهى وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً وعيد لهم بالعقاب.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٤٠]]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ أي لا يبخس أحدا من ثواب عمله ولا يزيد في
وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أي من النبوة (من التوراة، كما في ابن هشام) التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً إلى قوله وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً.