اليهود والنصارى ورسلهم فوجد عددهم لا يتجاوز الخمسين. روى في عدتهم أحاديث تكلّم في أسانيدها. منها
حديث أبي ذر: إن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر
. صححه ابن حبان. وخالفه ابن الجوزيّ فذكره في (موضوعاته) واتهم به إبراهيم بن هاشم. وقد تكلم فيه غير واحد وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً يعني خاطبه مخاطبة من غير واسطة. لأن تأكيد (كلّم) بالمصدر يدلّ على تحقيق الكلام. وأن موسى عليه السلام سمع كلام الله بلا شك.
لأن أفعال المجاز لا تؤكد بالمصادر. فلا يقال: أراد الحائط يسقط إرادة. وهذا رد على من يقول: إن الله خلق كلاما في محلّ. فسمع موسى ذلك الكلام. قال الفراء:
العرب تسمي كل ما يوصل إلى الإنسان كلاما، بأي طريق وصل. لكن لا تحققه بالمصدر. وإذا حقق بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام. فدل قوله تعالى تَكْلِيماً على أن موسى قد سمع كلام الله حقيقة من غير واسطة. قال بعضهم: كما أن الله تعالى خص موسى عليه السلام بالتكليم وشرفه به ولم يكن ذلك قادحا في نبوة غيره من الأنبياء، فكذلك إنزال التوراة عليه جملة واحدة لم يكن قادحا في نبوة من أنزل عليه كتابه منجما من الأنبياء. كذا في (اللباب) .
[تنبيه:]
يحسن في هذا المقام إيراد عقيدة السلف الكرام في مسألة الكلام. فإنها من أعظم مسائل الدين. وقد تحيرت فيها آراء أهل الأهواء من المتقدمين والمتأخرين.
واضطربت فيها الأقوال. وكثرت بسببها الأهوال. وأثارت فتنا وجلبت محنا. وكم سجنت إماما. وبكت أقواما. وتشعبت فيها المذاهب. واختلفت فيها المشارب.
ولم يثبت إلا قول أهل السنة والجماعة. المقتفين لأثر الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم. فنقول: قال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية عليه رحمة الرحيم السلام، في كتابه إلى جماعة العارف عدي بن مسافر ما نصه:
[فصل]
ومن ذلك الاقتصاد في السنة واتباعها كما جاءت بلا زيادة ولا نقصان. مثل الكلام في القرآن وسائر الصفات، فإن مذهب سلف الأمة وأهل السنة: أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدا وإليه يعود. هكذا قال غير واحد من السلف. روي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وكان من التابعين الأعيان قال: ما زلت أسمع