وهذا المقصود منه. أو اللام متعلقة بمحذوف. أي أنزله ليعلم ... إلخ والجملة معطوفة على ما قبلها. فحذف المعطوف، وأقيم متعلقة مقامه. وقيل عطف على لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ. قال الشهاب: وهو قريب بحسب اللفظ، بعيد بحسب المعنى.
إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ أي على إهلاك من أراد إهلاكه عَزِيزٌ أي غالب قاهر لمن شاء.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحديد (٥٧) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ أي من الذرية مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أي خارجون عن طاعته، بترك نصوص كتبه وتحريفها، وإيثار آراء الأحبار والرهبان عليها، واجترام ما نهوا عنه ثُمَّ قَفَّيْنا أي أتبعنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً أي حنانا ورقّة على الخلق، لكثرة ما وصى به عيسى عليه السلام، من الشفقة وهضم النفس والمحبة. وكان في عهده أمتان عظيمتا القسوة والشدة:
اليهود والرومان، وهؤلاء أشد قسوة، وأعظم بطشا، لا سيما في العقوبات. فقد كان لهم أفانين في تعذيب النوع البشريّ بها. ومنها تسليط الوحوش المفترسة عليه، وتربيتها لذلك، مما جاءت البعثة المسيحية على أثرها، وجاهدت في مطاردتها، وصبرت على منازلتها، حتى ظهرت عليها بتأييده تعالى ونصره- كما بيّنه آخر سورة الصف- وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ أي ما فرضناها عليهم، وإنما هم التزموها من عند أنفسهم. إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ استثناء منقطع. أي ولكنهم ابتدعوها طلب مرضاة الله عنهم. فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها أي ما قاموا بما التزموه منها حق القيام من التزهد، والتخلي للعبادة وعلم الكتاب، بل اتخذوها آلة للترؤس والسؤدد، وإخضاع الشعب لأهوائهم. فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ يعني الذين