للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سموا عليه أنتم وكلوه. قالت:

وكانوا حديثي عهد بكفر. فكأنّ المحرّم ليس ما لم يعلم أن اسم الله ذكر عليه بل الذي علم أنّ اسم الله قد أعلن به عليه.

وروي عن عليّ رضي الله عنه قال: إذا سمعتم اليهود والنصارى يهلّون لغير الله فلا تأكلوا، وإذا لم تسمعوهم فكلوا، فإن الله قد أحلّ ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون.

[فصل فيما لتحريم هذه المذكورات من الحكم والأسرار الباهرات]

فأما الميتة: فقال الحراليّ: هي ما أدركه الموت من الحيوان- عن ذبول القوّة وفناء الحياة- وهي أشد مفسد للجسم، لفساد تركيبها بالموت، وذهاب تلزز أجزائها، وعفنها، وذهاب روح الحياة والطهارة منها.

وقال المهايميّ في تفسيره: ثم أشار تعالى إلى أنه إنما يقطع محبته أكل ما حرّم وهو الميتة وما ذكر معها. فأما الميتة فلأنها خبثت بنزع الروح منها بلا مطهّر من الذبح باسم الله- تحقيقا أو تقديرا- فتتعلّق أرواحكم بالخبيث فتخبث، فينقطع عنها محبة الله. وإنما أبيح ميتة السمك لأنّ أصله الماء المطهر، فكما لا يؤثر فيه النجاسة، لا يؤثر نزع الروح فيما حصل منه والجراد لأنّه حصل من غير تولد ولا خبث في ذاته كسائر الحشرات.

وأمّا خبث الدّم فلأنه جوهر مرتكس عن حال الطعام، ولم يبلغ بعد إلى حال الأعضاء فهو ميتة.

وقال الإمام ابن تيمية: حرّم الدم المسفوح لأنه مجمع قوى النفس الشهوية الغضبية، وزيادته توجب طغيان هذه القوى، وهو مجرى الشيطان من البدن، كما

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» «١» .

وأمّا خبث لحم الخنزير: فلأذاه للنفس- كما حرّم ما قبله لمضرّتها في الجسم


(١)
أخرجه البخاريّ في: الأحكام، ٢١- باب الشهادة تكون عند الحاكم، حديث ١٠٦٣ ونصه: عن عليّ بن حسين أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أتته صفية بنت حييّ. فلما رجعت انطلق معها. فمرّ به رجلان من الأنصار فدعاهما فقال «إنما هي صفية» قالا: سبحان الله! قال «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»
. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>