وتفريطا. والدين دين الفطرة. وهي تتقاضى القصاص بالمثل، وتراه حقا لها بجبلّتها والقضاء الأدبيّ والوازع الرحمانيّ يرشدها إلى ما هو أمثل إن شاءت، ويبرهن لها أمثليته، مما لا يبعد، إذا راجعت نفسها وثابت إلى رشدها، أن تؤثره ولا تؤثر عليه.
كيف؟ وقد دل قوله تعالى: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ كما قال الزمخشريّ، على أن الانتصار لا يكاد يؤمن فيه تجاوز السيئة والاعتداء، خصوصا في حال الحرد والتهاب الحمية. فربما كان المجازى من الظالمين وهو لا يشعر.
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ أي: ومن خذله عن الرشاد، فليس له من وليّ يليه، فيهديه لسبيل الصواب، ويسدده من بعد إضلال الله إياه وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ أي رجعة إلى الدنيا. وذلك استعتاب منهم في غير وقته.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها أي النار خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ أي من طرف قد خفي من ذله وصغاره وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي بالتعريض للعذاب المخلد، وتفويت النعيم المؤبد أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ أي أجيبوا أيها الناس داعي الله وآمنوا به مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ أي لا يرده الله بعد ما حكم به ف «من» صلة (مردّ) أو هي صلة (يأتي) أي من قبل أن يأتي يوم الله لا يمكن ردّه ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ