للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلخ. من الوجوه النحوية في (إذا) هنا، وإنه ربما يتبادر أن الموقع ل (إذ) لا لها حيث إن متعلقها وهو (قالوا) ماض. و (إذا) ظرف لما يستقبل. فمن قائل بأن (إذا) لحكاية الحال الماضية، ومن قائل بأنها للاستمرار. وقيل: إن (كفروا) و (قالوا) مراد بهما المستقبل. وفي كلّ مناقشات وتعسفات. والحق أنها تكون للمضيّ أيضا. قال المجد الفيروز آباديّ: وتجيء (إذا) للماضي كقوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها. فلا إشكال.

ونقل الرازيّ عن قطرب: أن كلمة (إذ) و (إذا) يجوز إقامة كل واحدة منهما مقام الأخرى. قال الرازيّ: وهذا الذي قاله قطرب كلام حسن، وذلك لأنا إذا جوزنا إثبات اللغة بشعر مجهول منقول عن قائل مجهول، فلأن يجوز إثباتها بالقرآن العظيم أولى. ثم قال: وكثيرا أرى النحويين يتحيرون في تقرير الألفاظ الواردة في القرآن، فإذا استشهدوا في تقريره ببيت مجهول فرحوا به. وأنا شديد التعجب منهم. فإنهم إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقه دليلا على صحته، فلأن يجعلوا ورود القرآن به دليلا على صحته كان أولى، انتهى.

الثانية: الجمهور على ضم الميم في قوله تعالى: أَوْ مُتُّمْ وهو الأصل لأن الفعل منه يموت. ويقرأ بالكسر وهو لغة طائية. يقال مات يمات مثل خاف يخاف فكما تقول خفت تقول مت.

الثالثة: قدم القتل على الموت في الأولى لأنه أكثر ثوابا وأعظم عند الله.

فترتيب المغفرة والرحمة عليه أقوى. وقدم الموت في الثانية لأنه أكثر. وهما مستويان في الحشر.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٥٩]]

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ أي للذين تولوا عنك حين عادوا إليك بعد الانهزام، وللمؤمنين عموما كما قال تعالى: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التوبة:

١٢٨] . و (ما) مزيدة للتوكيد أو نكرة. و (رحمة) بدل منها مبيّن لإبهامها.

والنون للتفخيم، أي ما لنت هذا اللين الخارق للعادة، مع ما سبّب فعلهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>