التي هبط فيها كل منهم. ويرجع حاصل تلك الأخبار إلى الإسرائيليات، والله أعلم بصحتها، ولو كان في تعيين تلك البقاع فائدة، تعود على المكلفين، في أمر دينهم أو دنياهم، لذكرها الله تعالى في كتابه، أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم- انتهى- بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ أي استقرار أو موضع استقرار. وَمَتاعٌ أي تمتع ومعيشة إِلى حِينٍ أي: إلى تقضّي آجالكم.
قالَ فِيها أي الأرض تَحْيَوْنَ تعيشون وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ أي: يوم القيامة للجزاء، كقوله تعالى: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى [طه: ٥٥] ، ثم ذكرهم سبحانه بنعمته في تبوئة الدار والمستقر في الأرض، وكسوتهم لباسا يسترون به سوءاتهم، بعد ما نزع عنهما لباس الجنة، وذلك لما هم بعد الإهباط، من الحاجة إلى اللباس والمعاش. فقال سبحانه:
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يعني ما يلبس من الثياب وغيره.
قال الزمخشري: جعل ما في الأرض منزلا من السماء، لأنه قضى ثمة وكتب، أي قضى وقسم لكم، وقضاياه وقسمه توصف بالنزول من السماء، حيث كتب في اللوح المحفوظ.
وقال أبو البقاء: لما كان الريش واللباس ينبتان بالمطر، والمطر ينزل، جعل ما هو المسبب بمنزلة السبب- انتهى-.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في فتوى له في معنى النزول: لا حاجة إلى إخراج اللفظ عن معناه المعروف لغة، فإن اللباس ينزل من ظهور الأنعام، فامتن سبحانه بما ينتفعون به من الأنعام في اللباس والأثاث، وهذا- والله أعلم- معنى إنزاله، فإنه ينزله من ظهور الأنعام، وهو كسوة الأنعام من الأصواف والأوبار والأشعار، وينتفع به بنو آدم في اللباس والرياش، فقد أنزلها عليهم، وأكثر أهل الأرض كسوتهم من جلود الدواب، فهي لدفع الحر والبرد، وأعظم مما يصنع من القطن والكتان.