للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث- للإمام منع من يتهم بمضرة المسلمين، أن يخرج للجهاد. فله نفي الجاسوس والمرجف والمخذّل. ذكر ذلك كله بعض مفسري الزيدية.

الرابع- ذكروا أن قوله تعالى: وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ تمثيل لإلقاء الله تعالى كراهة الخروج في قلوبهم. يعني نزّل خلق داعية القعود فيهم، منزلة الأمر، والقول الطالب، كقوله تعالى: فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ [البقرة: ٢٤٣] أي أماتهم. أو هو تمثيل لوسوسة الشيطان بالأمر بالقعود. أو هو حكاية قول بعضهم لبعض. أو هو إذن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لهم بالقعود.

قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى قوله مَعَ الْقاعِدِينَ؟ قلت: هو ذم لهم وتعجيز، وإلحاق بالنساء والصبيان والزّمنى الذين شأنهم القعود والجثوم في البيوت، وهم القاعدون والخالفون والخوالف. ويبينه قوله تعالى: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ.

قال الناصر: وهذا من تنبيهاته الحسنة. ونزيده بسطا فنقول: لو قيل اقْعُدُوا مقتصرا عليه، لم يفد سوى أمرهم بالقعود. وكذلك (كونوا مع القاعدين) . ولا تحصل هذه الفائدة من إلحاقهم بهؤلاء الأصناف الموصوفين عند الناس بالتخلف والتقاعد، الموسومين بهذه السمة، إلا من عبارة الآية. ولعن الله فرعون، لقد بالغ في توعيد موسى عليه السلام بقوله لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [الشعراء: ٢٩] .

ولم يقل: لأجعلنك مسجونا. لمثل هذه النكتة من البلاغة.

ثم بين تعالى سرّ كراهته لخروجهم بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٤٧]]

لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)

لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا أي فسادا وشرّا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي ولأسرعوا السير والمشي بينكم بالفساد.

قال الشهاب: الإيضاع: إسراع سير الإبل. يقال: وضعت الناقة تضع إذا أسرعت، وأوضعتها أنا. والمراد: الإسراع بالنمائم، لأن الراكب أسرع من الماشي. فقيل:

المفعول مقدّر، وهو النمائم. فشبه النمائم بالركائب في جريانها وانتقالها، وأثبت لها الإيضاع. ففيه تخييلية ومكنية. وقيل: إنه استعارة تبعية. شبه سرعة إفسادهم

<<  <  ج: ص:  >  >>