القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧)
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ أي ثوابا على صدق إيمانك وفوزك بسببه بالشهادة قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ أي ليقبلوا على ما أقبلت عليه، ويضحوا لأجله النفس والنفيس.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٢٨]]
وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨)
وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد موته بالشهادة مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ أي لإهلاكهم وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ قال الرازيّ: إشارة إلى هلاكهم بعده سريعا، على أسهل وجه، فإنه لم يحتج إلى إرسال جند يهلكهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : آية ٢٩]]
إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩)
إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً أي ما كانت العقوبة إلا صيحة واحدة من السماء هلكوا بها فَإِذا هُمْ خامِدُونَ ميتون كالنار الخامدة. رمزا إلى أن الحيّ كالنار الساطعة في الحركة والالتهاب، والميت كالرماد. كما قال لبيد:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
[تنبيهات:]
الأول- قال ابن كثير: روي عن كثير من السلف أن هذه القرية هي أنطاكية، وإن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عند المسيح عيسى عليه السلام، كما نص عليه قتادة وغيره، وهو الذي لم يذكر عن أحد من متأخري المفسرين، غيره. وفي ذلك نظر من وجوه:
أحدهما- أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عز وجل، لا من جهة المسيح عليه السلام. كما قال تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ ولو كان هؤلاء من الحواريين، لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح عليه السلام. والله أعلم.