قبلها، تخللت تضاعيف نظم القصة لمعنى بديع، وهو البدار إلى الإعلام بنتائج صبر يوسف، وثمرات مجاهداته، وعجائب صنع الله تعالى في مراداته إذ طوى له المنح في تلك المحن، وذخر له السيادة في تلك العبودية. ومعنى بَلَغَ أَشُدَّهُ أي زمان اشتداد جسمه وقوته.
قال أبو عبيدة: العرب تقول: بلغ فلان أشده، إذا انتهى منتهاه في شبابه وقوته قبل أن يأخذ في النقصان. و (الحكم) إما الحكمة وهو العلم المؤيد بالعمل، أو الحكم بين الناس.
قال الزمخشري: وفي قوله تعالى: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ تنبيه على أنه كان محسنا في عمله، متّقيا في عنفوان أمره، وأن الله آتاه الحكم والعلم جزاء على إحسانه.
وعن الحسن: من أحسن عبادة ربه في شبيبته، آتاه الله الحكمة في اكتهاله.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٢٣]]
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ، قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ هذا رجوع إلى شرح ما جرى على يوسف في منزل العزيز بعد ما أمر امرأته بإكرام مثواه، من مراودتها له وإبائه.
والمراودة: المطالبة. أي: طلبت منه أن يواقعها. وتعديتها ب (عن) لتضمينها معنى المخادعة. والعدول عن التصريح باسمها للمحافظة على السر والستر، وإيراد الموصول دون امرأة العزيز، لتقرير المراودة. فإن كونه في بيتها مما يدعو إلى ذلك.
قيل لامرأة: ما حملك على ما لا خير فيه؟ قالت: قرب الوساد، وطول السواد. ولإظهار كمال نزاهته عليه السلام- كما سيأتي-.
و (هيت) قرئت ك (ليت وقيل وحيث) ، وبكسر الهاء وبهمزة ساكنة بعدها، وفتح التاء وضمها. وهي في هذه اللغات اسم فعل بمعنى (تعال) . واللام لتبيين المفعول أي المخاطب. ونقل عن الفرّاء أنها لغة لأهل حوران سقطت إلى مكة فتكلموا بها.