وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٠٤)
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتاب المبيّن للحلال والحرام وَإِلَى الرَّسُولِ أي: الذين أنزل هو عليه، لتقفوا على حقيقة الحال، وتميزوا بين الحرام والحلال، فترفضوا تقليد القدماء المفترين على الله الكذب بالضلال قالُوا أي: لإفراط جهلهم وانهماكهم في التقليد حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أي كافينا ذلك. وحَسْبُنا مبتدأ والخبر ما وَجَدْنا و (ما) بمعنى الذي. والواو في قوله تعالى أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ للحال. دخلت عليها همزة الإنكار. أي: أحسبهم ذلك ولو كان آباؤهم لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً أي لا يعرفون حقّا ولا يفهمونه وَلا يَهْتَدُونَ أي: إليه. قال الزمخشري: والمعنى أن الاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدي. وإنما يعرف اهتداؤه بالحجة. انتهى.
وقال الرازي: واعلم أن الاقتداء إنما يجوز بالعالم المهتدي. وإنما يكون عالما مهتديا إذا بنى قوله على الحجة والدليل. فإذا لم يكن كذلك لم يكن عالما مهتديا.
فوجب أن لا يجوز الاقتداء به. انتهى.
وقال بعض مفسري الزيدية: ثمرة الآية قبح التقليد ووجوب النظر واتباع الحجة. ثم قال: وقد فسر التقليد بأنه قبول قول الغير من غير حجة انتهى.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي الزموا أن تصلحوها باتباع كتاب الله وسنة رسوله لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ أي ممن قال حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أو أخذ بشبهة. أو عاند في قول أو فعل إِذَا اهْتَدَيْتُمْ أي إلى الإيمان. وكأن المؤمنين كان يشتد عليهم بقاء الكفار في كفرهم وضلالهم. فقيل لهم: عليكم أنفسكم وما كلفتم من إصلاحها والمشي بها في طريق الهدى. لا يضركم ضلال الضالين وجهل الجاهلين، إذا كنتم مهتدين. كما قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ