بأخذ السلاح. والأمر بذلك للوجوب. لقوله تعالى: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أي لا حرج ولا إثم عليكم إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ يثقل معه حمل السلاح أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى يثقل عليكم حمله أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ أخرج البخاريّ «١» عن ابن عباس قال: نزلت: إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى، في عبد الرحمن بن عوف كان جريحا. ثم أمروا مع ذلك بالتيقظ والاحتياط. فقيل وَخُذُوا حِذْرَكُمْ لئلا يهجم عليكم العدوّ غيلة إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً أي: يهانون به. ويقال:
شديدا. قال أبو السعود: هذا تعليل الأمر بأخذ الحذر. أي: أعدّ لهم عذابا مهينا.
بأن يخذلهم وينصركم عليهم. فاهتموا بأموركم ولا تهملوا في مباشرة الأسباب. كي يحل بهم عذابه بأيديكم. وقيل: لما كان الأمر بالحذر من العدوّ موهما لتوقع غلبته واعتزازه، نفي ذلك الإيهام بأنه الله تعالى ينصرهم ويهين عدوّهم لتقوى قلوبهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٠٣]]
فَإِذا قَضَيْتُمُ أي: أتممتم الصَّلاةَ أي: صلاة الخوف، على ما فصّل فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ أي: فداوموا على ذكره تعالى في جميع الأحوال. فإن ما أنتم عليه من الخوف والحذر مع العدوّ جدير بالمواظبة على ذكر الله والتضرع إليه. قاله الرازيّ. وقال ابن كثير: أمر تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف، وإن كان مشروعا مرغبا فيه أيضا بعد غيرها. ولكن هنا آكد لما وقع فيها من التخفيف في أركانها، ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب، وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها كما قال تعالى (في الأشهر الحرم) : فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة: ٣٦] . وإن كان هذا منهيّا عنه في غيرها، ولكن فيها آكد لشدة حرمتها وعظمها. فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ أي: سكنت قلوبكم بالأمن فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أي:
على الحالة التي كنتم تعرفونها. فلا تغيروا شيئا من هيئاتها إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً أي: فرضا موقتا، لا يجوز إخراجها عن أوقاتها وإن لزمها نقائص في رعايتها.
(١) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٤- سورة النساء، ٢٢- باب قوله: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ، حديث ١٩٩٤.