للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصف (٦١) : آية ٧]]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ أي: لا أحد أظلم وأشد عدوانا ممن يدعى إلى الإسلام الظاهر حقيقته، المسعد له في الدارين، فيستبدل إجابته بافتراء الكذب، واختلاقه على الله، وذلك قوله لكلامه تعالى (سحر) ولرسوله (ساحر) وهذه الآية إما مستأنفة رسالة النبيّ صلى الله عليه وسلم، طليعة للآيات بعدها، وإما متممة لما قبلها، لتقبيح ما بهت به الإسرائيليون عيسى عليه السلام مع الإشارة بعمومها إلى ذم كل من كان على شاكلتهم. ولا يقال الْإِسْلامِ يؤيد الأول، لأنه عنوان الملة الحنيفية، لأنه قد يراد به معناه اللغوي. وقد كثر ذلك في آيات شتى، نعم الأقرب الأول، واحتمال مثل الآية لهذين الوجهين، من بدائع التنزيل.

وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي: الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بما أنزل من الحق،

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصف (٦١) : آية ٨]]

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨)

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ قال ابن جرير. أي يريد هؤلاء القائلون لمحمد صلى الله عليه وسلم هذا ساحر، ليبطلوا الحق الذي جاء به بقولهم إنه ساحر، وما جاء به سحر، والله معلن الحق، ومظهر دينه، وناصر رسوله على من عاداه، فذلك إتمام نوره. انتهى.

ف نُورَ اللَّهِ استعارة تصريحية لدينه، و (الإطفاء) ترشيح، أو التركيب استعارة تمثيلية، مثلت حالهم في اجتهادهم في إبطال الحق، بحال من ينفخ في نور الشمس بفيه ليطفئه، تهكما وسخرية بهم، كما يقول الناس: هو يطين عين الشمس والثاني أبلغ وألطف، وهو مختار الزمخشري.

وفي لام لِيُطْفِؤُا مذاهب للنحاة مقررة في المطولات، ومن أشهرها أنها مزيدة لتأكيد معنى الإرادة، لما في لام العلة من الإشعار بالإرادة والقصد.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصف (٦١) : آية ٩]]

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>