قال الزمخشريّ: ويجوز، وأصبح فؤادها فارغا من الهم، حين سمعت أن فرعون عطف عليه وتبنّاه. إن كادت لتبدي بأنه ولدها، لأنها لم تملك نفسها فرحا وسرورا بما سمعت. لولا أنّا طامنا قلبها وسكنا قلقه الذي حدث به من شدة الفرح والابتهاج، لتكون من المؤمنين الواثقين بوعد الله، لا بتبنّي فرعون وتعطفه وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ أي اتّبعي أثره لتنالي خبره فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ بضم النون وسكونها. أي: عن بعد وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أي أنها تتعرف حاله.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٢ الى ١٧]
وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ أي من قبل قصّها أثره. و (المراضع) جمع مرضع بضم الميم وكسر الضاد. وهي المرأة التي ترضع. وترك (التاء) لاختصاصه بالنساء. أو جمع (مرضع) بفتح الميم مصدر ميميّ، جمع لتعدد موادّه. أو اسم موضع الرضاع، وهو الثدي فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ أي في رضاعه وتربيته فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها أي برؤيته وَلا تَحْزَنَ أي بفراقه وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ أي كمال قوته، وَاسْتَوى أي اعتدل مزاجه آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أي في أعمالهم. ثم بين تعالى من نبئه عليه السلام، ما تدرج به إلى ما قدّر له من الرسالة، بقوله سبحانه وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ أي مصر آتيا من قصر فرعون عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها قيل وقت القيلولة. وقيل بين العشاءين فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ أي يتنازعان هذا أي الواحد مِنْ شِيعَتِهِ أي ممن يشايعه على دينه وهم بنو إسرائيل وَهذا أي الآخر مِنْ عَدُوِّهِ أي ممن خالفه في دينه وهم