وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً أي عظيما غير معهود، هلكوا به فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ وهم أهل مدين. ووهم من زعم أنهما أمتان أرسل إليهما شعيب عليه السلام: فإنهم أمة واحدة كانوا يقطنون (مدين) أضيفوا إليها تارة وأخرى إلى ما حوتها من الأيكة، وهي الأشجار الكثيرة الملتفة المجتمعة في مكان واحد.
قال الحافظ ابن كثير: والصحيح أنهم أمة واحدة. وصفوا في كل مقام بشيء.
ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء.
فدل ذلك على أنهما أمة واحدة.
[تنبيه:]
قال أبو عمرو: وكتب في جميع المصاحف (ليكة) في الشعراء و (ص) ، بلام من غير ألف قبلها. وفي الحجر وق (الأيكة) ولذا قرأ نافع وابن كثير وابن عامر بلام مفتوحة، من غير همز قبلها ولا بعدها. ونصب التاء غير منصرف. والباقون (الأيكة) بإسكان اللام وهمز وصل قبله، وهمزة قطع مفتوحة بعده، وجر التاء. وحمزة وصلا ووقفا على أصله. وقراءة الأولين استشكلها أبو علي الفارسيّ وغيره، بأنه لا وجه للفتح. لأن نقل حركة الهمزة لا يقتضي تغيير الإعراب من الكسر إلى الفتح. أي فإن العرب تقول في الأحمر (الحمر ولحمر) وإثبات الألف واللام في (الأيكة) في سائر القرآن يدل- كما قال الزجاج- على أن حذف الهمزة منها التي هي ألف الوصل، بمنزلة قولهم (لحمر) وقرئ (ليكة) بالجر على الإضافة في غير السبع. لكن قال الزمخشريّ: هو الوجه. ومن قرأ بالنصب، وزعم أن ليكة، بوزن ليلة، اسم بلد، فتوهم قاد إليه خط المصحف حيث وجدت مكتوبة في هذه السورة وفي سورة (ص) بغير ألف. وفي المصحف أشياء كتبت على خلاف قياس الخط المصطلح عليه. وإنما كتبت في هاتين السورتين على حكم لفظ اللافظ. كما يكتب أصحاب النحو- لأن ولولي- على هذه الصورة، لبيان لفظ المخفف. وقد كتبت في سائر القرآن على الأصل. والقصة واحدة. على أن (ليكة) اسم لا يعرف. انتهى.