القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القلم (٦٨) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)
فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ أي فطرق جنة هؤلاء القوم، طارق من أمر الله لتدميرها.
قال ابن جرير: ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلا، ولا يكون نهارا. وقد يقولون: أطفت بها نهارا. وذكر الفراء أن أبا الجراح أنشده:
أطفت بها نهارا غير ليل ... وألهى ربّها طلب الرّخال
و (الرخال) أولاد الضأن الإناث.
فقوله: وَهُمْ نائِمُونَ أي مستغرقون في سباتهم، غافلون عما يمكر بهم.
تأكيد على الأول، وتأسيس على الثاني فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ أي كالبستان الذي صرم ثمره، بحيث لم يبق فيه شيء. أو كالليل الأسود لاحتراقها. وأنشد في ذلك ابن جرير لأبي عمرو بن العلاء:
ألا بكرت وعاذلتي تلوم ... تهجّدني وما انكشف الصّريم
وقال أيضا:
تطاول ليلك الجون البهيم ... فما ينجاب عن صبح صريم
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القلم (٦٨) : الآيات ٢١ الى ٢٧]
فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥)
فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧)
فَتَنادَوْا أي فنادى بعضهم بعضا مُصْبِحِينَ أي وقت الصبح، ولم يشعروا بما جرى عليهم بالليل أَنِ اغْدُوا أي اخرجوا غدوة عَلى حَرْثِكُمْ أي زرعكم إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ أي قاصدين قطع ثمارها، وقد قطعها البلاء من أصلها فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أي يكتمون ذهابهم ويتسارّون فيما بينهم أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ أي فقير. فالجملة مفسرة. أو (أن) مصدرية. أي بأن.
قال الزمخشري: والنهي عن الدخول للمسكين، نهي لهم عن تمكينه منه. أي