بالكذب، مع أن الافتراء لا يكون إلا كذبا، للمبالغة في تقبيح حالهم وَكَفى بِهِ أي بافترائهم هذا من حيث هو افتراء عليه تعالى مع قطع النظر عن مقارنته لتزكية أنفسهم وسائر آثامهم العظام إِثْماً مُبِيناً ظاهرا بينا كونه إثما. والمعنى: كفى ذلك وحده في كونهم أشد إثما من كل كفّار أثيم. أو في استحقاقهم لأشد العقوبات. ثم حكى تعالى عن اليهود نوعا آخر من المكر. وهو أنهم كانوا يفضلون عبدة الأصنام على المؤمنين، تعصبا وعنادا، بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٥١]]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ أي علما بالتوراة الداعية إلى التوحيد وترجيح أهله. والكفر بالجبت والطاغوت. ووصفهم بما ذكر، من إيتاء النصيب، لما مر من منافاته لما صدر عنهم من القبائح يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ الجبت يطلق، لغة، على الصنم والكاهن والساحر والسحر والذي لا خير فيه وكل ما عبد من دون الله تعالى. وكذا الطاغوت. فيطلق على الكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ومردة أهل الكتاب. كما في القاموس. وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أي أشركوا بالله، وهم كفار مكة، أي لأجلهم وفي حقهم هؤُلاءِ يعنونهم أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وحده سَبِيلًا أي أرشد طريقة. وإيرادهم بعنوان الإيمان ليس من قبل القائلين، بل من جهة الله تعالى، تعريفا لهم بالوصف الجميل، وتخطئة لمن رجّح عليهم المتصفين بأقبح القبائح.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٥٢]]
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أي أبعدهم عن رحمته وطردهم وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ أي يبعده عن رحمته فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً يدفع عنه العذاب دنيويّا كان أو أخرويّا.
لا بشفاعة ولا بغيرها.
قال الرازيّ: إنما استحقوا هذا اللعن الشديد لأن الذي ذكروه من تفضيل عبدة الأوثان على الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم يجري مجرى المكابرة. فمن يعبد غير الله كيف يكون أفضل حالا ممن لا يرضى بمعبود غير الله؟ ومن كان دينه الإقبال