القاموس أنهما مترادفان، فإنه قال: قرب منه، ككرم، وقربه كسمع قربا وقربانا وقربانا دنا، فهو قريب. للواحد والجمع. انتهى.
[لطيفة:]
جاء في آية الأعراف فَكُلا [الأعراف: ١٩] وهنا بالواو، لأن كل فعل عطف عليه شيء، وكان ذلك الفعل كالشرط، وذكر الشيء كالجزاء، عطف بالفاء دون الواو، كقوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً [البقرة: ٥٨] لما كان وجود الأكل منها متعلقا بدخولها ذكر بالفاء، كأنه قال: إن دخلتموها أكلتم منها، فالأكل يتعلق وجوده بوجود الدخول. وقوله في الأعراف اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها [الأعراف: ١٦١] بالواو دون الفاء، لأنه من السكنى، وهو في المقام مع اللبث الطويل، والأكل لا يختص وجوده بوجوده، لأن من دخل بستانا قد يأكل منه، وإن كان مجتازا، فلما لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجزاء بالشرط، عطف بالواو. وإذا ثبت هذا فنقول: قد يراد ب اسْكُنْ الزم مكانا دخلته، ولا تنتقل عنه، وقد يراد ادخله واسكن فيه. ففي البقرة، ورد الأمر، بعد أن كان آدم في الجنة، فكان المراد المكث، والأكل لا يتعلق به، فجيء بالواو. وفي الأعراف ورد قبل أن دخل الجنة. والمراد الدخول والأكل متعلق به، فورد بالفاء.
[تنبيه:]
لم يرد في القرآن المجيد، ولا في السنة الصحيحة تعيين هذه الشجرة، إذ لا حاجة إليه، لأنه ليس المقصود تعرف عين تلك الشجرة. وما لا يكون مقصودا، لا يجب بيانه. وقوله: مِنَ الظَّالِمِينَ أي من الذين ظلموا أنفسهم بمعصية الله تعالى.
قال ابن مفلح الحنبليّ في كتاب الاستعاذة: قال ابن حزم: حمل الأمر على الندب، والنّهي على الكراهة، يقع في الفقهاء والأفاضل كثيرا، وهو الذي يقع من الأنبياء عليهم السلام، ولا يؤاخذون به، وعلى السبيل أكل آدم من الشجرة. ومعنى قوله: فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ أي ظالمين لأنفسكما، والظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه، فمن وضع الأمر والنهي في موضع الندب والكراهة، فقد وضع الشيء في غير موضعه. انتهى ثم قال: وقال أبو محمد بن حزم في الملل والنحل: لا براءة من المعصية أعظم