الإذن على أمهاتكم. وعن طاوس قال: ما من امرأة أكره إليّ أن أرى عورتها من ذات محرم. وكان يشدد النكير في ذلك. وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا. قال ابن كثير: وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله، ولا يفاجئها به، لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها. وعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة، فانتهى إلى الباب، تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه. ولهذا جاء في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا.
ثم بيّن تعالى ما رخص فيه عدم الاستئذان، بقوله سبحانه:
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا أي بغير استئذان بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ أي غير معدة لسكنى طائفة مخصوصة، بل ليتمتع بها كائنا من كان، كالخانات والحمامات وبيوت الضيافات فِيها مَتاعٌ لَكُمْ أي منفعة وحاجة وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ وعيد لمن يدخل مدخلا من هذه المداخل، لفساد أو اطلاع على عورات.
أفاده أبو السعود.
ثم أرشد سبحانه إلى آداب عظيمة تتناول المستأذنين عند دخولهم وغيرهم، بقوله تعالى:
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ أي مقتضى إيمانكم الغض عما حرم الله تعالى النظر إليه وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ أى عن الإفضاء بها إلى محرم، أو عن الإبداء والكشف ذلِكَ أي الغض والحفظ أَزْكى لَهُمْ أي أطهر للنفس وأتقى للدين إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ أي بأفعالهم وأحوالهم. وكيف يجيلون أبصارهم، وكيف يصنعون بسائر حواسهم وجوارحهم. فعليهم، إذ عرفوا ذلك، أن يكونوا منه