للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: كان الجدّ بن قيس هذا من أشراف بني سلمة.

وفي الصحيح «١» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا:

الجدّ بن قيس؟ على أنا نبخّله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وأي داء أدوأ من البخل؟ ولكن سيّدكم الفتى الجعد الأبيض، بشر بن البراء بن معرور.

وقوله تعالى: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا قال أبو السعود: أي في عينها ونفسها، وأكمل أفرادها، الغني عن الوصف بالكمال، الحقيق باختصاص اسم الجنس به، سقطوا. لا في شيء مغاير لها، فضلا عن أن يكون مهربا ومخلصا عنها. وذلك بما فعلوا من العزيمة على التخلف، والجرأة على الاستئذان بهذه الطريقة الشنيعة، ومن القعود بالإذن المبني عليه، وعلى الاعتذارات الكاذبة، وقرئ بإفراد الفعل، محافظة على لفظ (من) . وفي تصدير الجملة بحرف التنبيه، مع تقديم الظرف، إيذان بأنهم وقعوا فيها، وهم يحسبون أنها منجى من الفتنة، زعما منهم أن الفتنة إنما هي التخلف بغير إذن. وفي التعبير عن (الافتتان) بالسقوط في الفتنة، تنزل لها منزلة المهواة المهلكة، المفصحة عن تردّيهم في درجات الردى أسفل سافلين. انتهى.

وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ أي ستحيط بهم يوم القيامة، فلا محيد لهم عنها ولا مهرب، وهذا وعيد لهم على ما فعلوا.

ثم بيّن تعالى عدواتهم، زيادة في تشهير مساوئهم، بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٥٠]]

إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠)

إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ أي من فتح وظفر وغنيمة تَسُؤْهُمْ أي تورثهم مساءة لفرط عداوتهم وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ أي من نوع شدة يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا أي بالحزم في القعود مِنْ قَبْلُ أي من قبل إصابة المصيبة، فيتبجحوا بما صنعوا حامدين لآرائهم وَيَتَوَلَّوْا أي عن مجتمعهم الذي أظهروا فيه الفرح برأيهم وَهُمْ فَرِحُونَ أي برأيهم وبما أصابكم وبما سلموا.


(١) ليس هذا الحديث في الصحيح ولا في السنن. ولكن رواه يعقوب بن سفيان في (تاريخه) وأبو الشيخ في (الأمثال) والوليد بن أبان في كتاب (الجود) . انظر (الإصابة في تمييز الصحابة) للحافظ ابن حجر العسقلانيّ رقم ٦٥١، ترجمة بشر بن البراء بن معرور، على خلاف يسير في اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>