واستحقاقنا، ولم يروا ذلك من فضل الله عليهم، فيشكروه على إنعامه وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ شدة يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أي يتشاءموا. وأصله (يتطيروا) . يعني أنهم يقولون: هذه بشؤمهم أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي شدتهم، وما طار إليهم من القضاء والقدر عند الله، لا عند غيره، أي من قبله تعالى وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي أن ما أصابهم من الله تعالى، ما يقولون، مما حكى عنهم. ثم أخبر تعالى عن شدة تمرد فرعون وقومه وعتوّهم، بقوله سبحانه:
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ أي على آل فرعون. وأما قوم موسى فلطف تعالى بهم، فلم ينلهم ولا محالّهم سوء من الطوفان ولا غيره. والطوفان (لغة) هو المطر الغالب، ويطلق على كل حادثة تطيف بالإنسان وتحيط به، فعمّ الطوفان الصحراء، وأتلف عشبها، وكسر شجرها، وتواصلت الرعود والبروق، ونيران الصواعق في جميع أرض مصر وَالْجَرادَ فأكل جميع عشب أرض مصر والثمر، مما تركه الطوفان، حتى لم يبق شيء من ثمرة ولا خضرة في الشجرة، ولا عشب في الصحراء وَالْقُمَّلَ فعمّ أرض مصر، وكان على الناس والبهائم، وهو بضم وتشديد ك (سكّر) صغار الذرّ، أو شيء صغير بجناح أحمر. أو دوابّ صغار من جنس القردان، أو الدبي الذي لا أجنحة له، وهو الجراد الصغار.
قال أبو البقاء:(القمّل) يقرأ بالشديد والتخفيف مع فتح القاف وسكون الميم. قيل: هما لغتان. قيل: هما القمل المعروف في الثياب ونحوها، والمشدد يكون في الطعام- انتهى.
وردّ ابن سيده، وتبعه المجد في (القاموس) القول بأن المراد به قمل الناس.