وأُخْرى مفعول لمقدر معطوف على الجوابين قبله، وهو جواب ثالث. أي ويؤتكم أخرى أو صفة لمبتدأ مقدّر، وخبره محذوف. وهو (لكم) . أي ولكم إلى هذه النعمة المذكورة. نعمة أخرى عاجلة محبوبة، وهي نصر من الله لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجّله لكم.
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ أي بنصره تعالى لهم وفتحه. ومن منع من النحاة عطف الإنشاء على الخبر يقول: وبَشِّرِ معطوف على تُؤْمِنُونَ، لأنه بمعنى آمنوا.
وضعّف بأن المخاطب ب تُؤْمِنُونَ المؤمنون، وب بَشِّرِ النبيّ صلى الله عليه وسلم. ثم إن تُؤْمِنُونَ بيان لما قبله، وبَشِّرِ لا يصلح لذلك. وأجيب بأنه لا مانع من العطف على الجواب، ما هو زيادة عليه إذا ناسبه. وهذا أولى الوجوه عند صاحب (الكشف) ، كتقدير: أبشر يا محمد، وبَشِّرِ، وتقدير (قل) قبل يا أَيُّهَا.
وجعل بَشِّرِ أمرا بمعنى الخبر، كما في قوله: أبطئي أو أسرعي.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ أي أنصار الحق الذي أنزله وأمر به، كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ أي من معي وجندي متوجّها إلى نصرة الله، قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ أي ننصر دينه، وما أمر به، وندعو إليه، ونضحّي لأجله حياتنا، فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ أي بعيسى عليه السلام، ونهضت تدعو إلى ما بعث به، وتنشر دعوته، وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ أي برسالته والحق الذي معه، فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ من اليهود والرومان الوثنيين، وفَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ أي غالبين عليهم بالبراهين الواضحة، والحجج الظاهرة، والسلطة القاهرة، وفيه بشارة للمؤمنين بالتأييد الرباني لهم، ما داموا متناصرين على الحق، مجتمعين عليه، غير متفرقين عنه ولا متخاذلين، كما وقع لسلفهم. اتفقوا فملكوا، وإلا فإذا تفرقوا هلكوا.
[لطيفة:]
ليس التشبيه على ظاهره، من تشبيه كون المؤمنين أنصار الله بقول عيسى، إذ