وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ أي من الوقوف مع الهوى بالشرك ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ أي من عبادة غيره، بالتوجه إلى التوحيد يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أي كثير الدر، أي الأمطار. منصوب على الحال من (السماء) ولم يؤنث، مع أنه من مؤنث، إما لأن المراد بالسماء السحاب أو المطر، فذكر على المعنى أو (مفعال) للمبالغة، يستوي فيه المذكر والمؤنث كصبور، أو الهاء حذفت من (مفعال) على طريق النسب- أفاده السمين- وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ أي مضمومة إليها أو معها. أي شدة إلى شدتكم بالقوة البدنية، أو بالمال أو البنين. وإنما استمالهم إلى الإيمان، ورغّبهم فيه، بكثرة المطر، وزيادة القوة، لأن القوم كانوا أصحاب زروع وبساتين، حراصا على التقوى بما ذكر، لثراء مالهم وترهيب أعدائهم وقد كانوا مثلا في القوة كما قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت: ١٥] ، وَلا تَتَوَلَّوْا أي تعرضوا عما أدعوكم إليه مُجْرِمِينَ أي مصرّين على إجرامكم وآثامكم.
قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣)
قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أي بحجة تدل على صحة دعواك، وذلك لقصور فهمهم، وعمى بصيتهم عن إدراك البرهان، لمكان الغشاوات الطبيعية، وإذا لم يدركوه أنكروه بالضرورة وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا أي عبادتها عَنْ قَوْلِكَ حال من ضمير (تاركي) أي تركا صادرا عن قولك. أو (عن) للتعليل، كهي في قوله: إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ [التوبة: ١١٤] ، أي لأجلها، فتتعلق (بتاركي) والأول أبلغ، لدلالته على كونه علة فاعلية، ولا يفيده (الباء واللام) . وهذا كقولهم في الأعراف: أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا [الأعراف: ٧٠] .
وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أي مصدقين. إقناط له من الإجابة.